مدونة رياديين

مدونة إدارية ذات تفكير متقدم تواكب التغييرات المستمرة في بيئة الأعمال هدفها دعم وتمكين مجتمع الاعمال

متابعة المدونة

ريادة الأعمال وأساسياتها: دليل مفصل للمبتدئين

في عالمنا، يتباين اعتقاد الناس حول ريادة الأعمال. هناك من يراها كمهارة طبيعية متأصلة في بعض الأفراد، بينما يرون آخرون أنها يمكن اكتسابها وتعلمها من قِبَل أي شخص. ولنعتبر أن أقرب تعريف لريادة الأعمال هو اكتشاف التحديات والاحتياجات المحيطة بنا، سواء كانت تلك التحديات تُعدُّ تحدياتنا الشخصية أو تحديات تواجهها مجتمعاتنا.


ويتمثل جوهر ريادة الأعمال في تحويل هذه التحديات والاحتياجات إلى فرص ومشاريع ومنتجات تلبي هذه الاحتياجات أو تحل تلك المشكلات. يتطلب ذلك استخدام الموارد المتاحة بذكاء وفعالية، وقد يتطلب أيضًا خلق موارد جديدة تفيد في تحقيق هذه الأهداف.


في النهاية، تعد ريادة الأعمال فنًا يجمع بين الموهبة والمعرفة، ولا يُقتصر تعلمها على فئة معينة من الناس. فالإرادة والاستعداد لاكتشاف الفرص ومواجهة التحديات، إلى جانب القدرة على التفكير الإبداعي والتخطيط الجيد، يمكن أن تساهم في صناعة نجاح ريادي يحقق التميّز والاستدامة في عالم الأعمال.


ريادة الأعمال وأساسياتها: دليل مفصل للمبتدئين


إن كان لديك اهتمامٌ بمجال ريادة الأعمال وحلمت يوماً بالانخراط فيه، فإنّك بالتأكيد بحاجةٍ إلى فهم واضح لمصطلحات هذا المجال المختصة والمهمة.



في هذا الدليل، سأقدم لك قائمةً شاملةً تشرح أهم المصطلحات التي ستساعدك في التعامل مع عالم ريادة الأعمال بثقة:


1. ريادة الأعمال (Entrepreneurship):

ريادة الأعمال هي عملية تحديد فكرةٍ تجاريةٍ مبتكرةٍ وتطويرها، بالإضافة إلى توفير الموارد اللازمة وتنظيمها لتحقيق هدفٍ ربحي. يُمكن أن تكون ريادة الأعمال عبارة عن إنشاء شركةٍ جديدةٍ من الصفر، أو تطوير مؤسسةٍ قائمة لتحقيق نجاحٍ أكبر، أو استغلال فرص جديدة في السوق.


2. رائد الأعمال (Entrepreneur):

رائد الأعمال هو الشخص الذي يتمتع بروح المبادرة والاستثمار، ويقوم بتأسيس وإدارة شركةٍ جديدةٍ. يتحمل رائد الأعمال مخاطرةً كبيرةً لجعل فكرته الجديدة تتحقق، ويتميز بالقدرة على التفكير الابتكاري وتحويل الأفكار إلى منتجات وخدمات جديدة تلبي احتياجات السوق.


تلعب شخصيات رواد الأعمال دوراً بارزاً في تحسين الاقتصاد، حيث يُساهمون في توفير فرص العمل وتقديم حلاً للمشكلات المجتمعية. إنّ النجاح في عالم ريادة الأعمال يجلب المكافآت العظيمة من أرباح مالية وشهرة، لكن الاخفاق يعني مواجهة الصعوبات والتحديات.


3. الشركة الناشئة (Startup Company):

شركةٌ أُنشِئت حديثاً، فهي مازالت في طور النمو والبحث عن سوقٍ لها ومصادرَ تمويلية، والسعي إلى بناء وترسيخ العلامة التجارية، مع بناء نموذجٍ ربحي يُحقق لها النمو والبقاء.


4. الشركة الناشئة المرنة (Lean Startup):

منهجيةٌ جديدةٌ لبدء الشركات الناشئة بمالٍ ووقتٍ وجهدٍ أقل من الطرق التقليدية، وذلك بهدف التقليل من مخاطر السوق، وتجنب الحاجة إلى تمويلٍ أوليٍّ كبير.


5. الشركة ذات النمو السريع (Scale Up Company):

الشركات التي تنمو بسرعةٍ كبيرة، ولديها متوسّط عائد سنوي لا يقلّ عن 20% سنوياً في السنوات الثلاث الأخيرة، ويكون قوامها 10 موظفين على الأقل.


6. نموذج العمل/ النموذج الربحي (Business Model):

نموذج العمل: هو خطة الشركة لتحقيق الربح، وهو يحدّد المنتجات أو الخدمات التي ستبيعها الشركة، والسوق المستهدفة، والنفقات المتوقعة. يجب أن يكون للأعمال التجارية الجديدة نموذجُ أعمالٍ محدد؛ إذا كان ذلك فقط من أجل جذب الاستثمار، ومساعدتها على توظيف المواهب، وتحفيز الإدارة والموظفين. في حين يتعيّن على الشركات القائمة، إعادة النظر في خطط أعمالها وتحديثها في كثيرٍ من الأحيان؛ وإلا فإنَّها ستفشل في توقع الاتجاهات والتحديات المُقبلة.


7. خطة العمل (Business Plan):

خطة العمل: وصفٌ مكتوبٌ لمستقبل عملك، ووثيقةٌ تُخبِرك بما تُخطّط للقيام به وكيف تُخطّط للقيام بذلك.


خطّط للأعمال ذات الطبيعة الاستراتيجية. فمثلاً: أنتَ تبدأ بموارد وقدرات معينة في الوضع الحالي، وتريد الوصول إلى نقطةٍ أبعد في المستقبل (عادةً ما تكون من ثلاث إلى خمس سنوات). في ذلك الوقت، ستكون قد امتلكت مجموعةً مختلفةً من الموارد والقدرات، بالإضافة إلى ربحٍ أكبر وأصولٍ متزايدة، حيث توضح خطتك كيف ستنتقل من هنا إلى هناك.


8. منتج الحد الأدنى (Minimum Viable Product):

الحد الأدنى من المنتج القابل للتطبيق (MVP): يرجِع هذا المفهوم إلى الشركات الناشئة المرنة، ويهتم بتأثير المعرفة في تطوير المنتجات الجديدة. حيث عرَّفَ إريك ريس مصطلح الـ (MVP) بأنَّه: إصدار المنتج الجديد الذي يسمح للفريق بجمع أكبر قدرٍ ممكنٍ من المعرفة المصادق عليها من قبل العملاء، وذلك بأقلّ جهد. وتأتي هذه المعرفة من خلال مراقبة فيما إذا كان عملاؤك سيشترون منتجك بالفعل أم لا.


الفرضية الرئيسة وراء فكرة MVP هي أنَّك تُنتج منتجاً فعلياً (قد لا يكون أكثر من صفحةٍ، أو خدمةٍ ذات مظهر تلقائي، ولكنَّه يدويٌّ تماماً)، حيث يمكنك تقديمه للعملاء ومراقبة سلوكهم الفعلي مع المنتج أو الخدمة. إنَّ رؤية ما يفعله الأشخاص فعلياً فيما يتعلّق بالمنتج، أكثر موثوقية بكثير من سؤال الناس عما سيفعلونه.


يعتبر منتج الحد الأدنى (MVP) منتجاً ذو ميّزاتٍ قليلةٍ يهدف بناؤه إلى توفير منتجٍ قابلٍ للاستخدام الحاليّ والتطوير المستقبلي. يقول بعض الخبراء أنّ المنتج لا يُعتبر "منتج حدّ أدنى" إلا إذا كان قابلاً للاستخدام والبيع. يمتلك "منتج الحد الأدنى" الميزات الأساسية البدائية لاستخدامه، ولايزيد عن ذلك.


9. النموذج الأولي التجريبي (Prototype):

تحويل فكرة أيّ منتجٍ أو سلعةٍ أو تطبيقٍ أو موقعٍ إلى نموذجٍ أوليٍ تفاعليٍ، ليبدو وكأنَّه المنتج النهائي عند استعراضه. مما يسمح بإيصال الفكرة المطلوبة منه بشكلٍ واضحٍ عند العرض على المستثمرين المحتملين في أثناء الجولات الاستثمارية.



10. ريادة الأعمال الاجتماعية (Social Entrepreneurship):

ريادة الأعمال الاجتماعية: نوعٌ من الأعمال التي تهدف إلى تعريف وتشخيص المشكلات والحاجات الاجتماعية، واستعمال مبادئ ريادة الأعمال؛ لإنشاء وتنظيم وإدارة مغامرةٍ اجتماعيةٍ تُحقِق التغيير الاجتماعي المطلوب. ويقيس رواد الأعمال الاجتماعية أداءهم بالربح المادي، وأيضاً بالقيمة الاجتماعية التي قدمها المشروع للمجتمع؛ ويسعون إلى تحقيق أهدافٍ متنوعةٍ تشمل الجانب الاجتماعي والثقافي والبيئي.


11. الشركة الناشئة أحادية القرن (Unicorn Company):

يستخدم هذا المصطلح في صناعة رأس المال الاستثماري، لوصف شركةٍ ناشئةٍ تابعةٍ إلى القطاع الخاص بقيمةٍ تزيد عن مليار دولار. عُمِّمَ المصطلح لأول مرة من قبل الرأسمالية الاستثمارية أيلين لي، مُؤسِّسَة صندوق Cowboy Ventures، الذي كان صندوقاً لرأس مالٍ استثماريٍ في المرحلة الأولية، مقره في كاليفورنيا. حيث وصفت إيلين لي هذا المصطلح في مقالةٍ لها بعنوان: "نادي أحادي القرن" وذلك إشارةً لشركات وادي السليكون التي قفزت قفزةً هائلة وتخطت قيمة أسهمها حاجز المليار دولار، حيث يعتبر هذا الأمر إعجازي ونادر مثل حيوان "الفرس أحادي القرن" الخيالي.


يمكن أن يشير مصطلح (أحادي القرن) أيضاً إلى ظاهرة التوظيف في قطاع الموارد البشرية، فقد يكون لدى مديري الموارد البشرية توقعاتٌ عاليةٌ لملء منصبٍ ما، مما يدفعهم إلى البحث عن مرشحين بمؤهلاتٍ أعلى من المطلوب لوظيفةٍ معينةٍ. أي أنَّهم يبحثون عن المرشح "أحادي القرن".


12. التمويل الذاتي (Boost Strapping):

يقوم التمويل الذاتي ببناء الشركة من الألف إلى الياء بالاعتماد على المدخرات الشخصية والكثير من الحظ، في حين يأتي المال من المبيعات الأولى. ويستخدم المصطلح أيضاً اسم Bootstrap: أي عمل رائد الأعمال مع قليلٍ من المال وبدون امتلاكه مصادر تمويلٍ خارجية.


13. تمويل الشركة الناشئة (Startup financing):

تمويلٌ يُقدَّم إلى الشركة الناشئة لاستعماله في تطوير المنتج وتسويقه الابتدائي. إنَّه تمويلٌ لشركاتٍ لم تَبِع بعدُ منتجاتها في السوق التجارية.


14. التمويل الجماهيري أو التمويل الجماعي (Crowd Funding):

آليةٌ تعتمد على جمع التمويلات محدودة المبالغ، من خلال منصةٍ إلكترونيةٍ تدعى منصة التمويل التعاوني، تديرها شركةٌ لهذا الغرض. ويعرف التمويل الجماهيري بأنَّه شكلٌ من أشكال التمويل الحديثة؛ حيث يعرض صاحب المشروع فكرته على الناس عبر منصاتٍ إلكترونية لفترةٍ زمنيةٍ محددة، إلى أن يحصل على المبلغ المطلوب لتنفيذ مشروعه.


يُدَار التمويل التعاوني عبر إنشاء علاقةٍ مباشرةٍ بين أصحاب المشاريع والمساهمين (الجمهور).


15. المستثمرون الملائكة (Angel investors):

هم رجال أعمالٍ أو أشخاصٌ مهنيون لديهم ثروةٌ كبيرة؛ يقومون بتمويل المشاريع الناشئة من أموالهم الشخصية. وهناك اختلافٌ بين المستثمرين الملائكة والمستثمرين المغامرين الذين يقومون بتمويل الشركات الناشئة بالاعتماد على أموال الآخرين وليس على أموالهم الشخصية.


عادةً ما يستثمر المستثمرون الملائكة في الشركات الناشئة بمبالغ ضخمةٍ قد تصل إلى ملايين الدولارات؛ وهذا ما يؤمن للشركة الناشئة التمويل المطلوب والضروري لها.


وما يميز الاعتماد على المستثمرين الملائكة أنَّه من خلال الاعتماد عليهم في مرحلةِ ما بعد إطلاق الشركة الناشئة، ستحصل الشركة على التمويل الضروري للعمليات التشغيلية فيها.


لكن هناك سلبيةٌ كبيرةٌ في الاعتماد على المستثمرين الملائكة، تتلخّص في مشكلة الملكية؛ إذ يشترون حصةً في الشركة الناشئة قد تصل إلى 50% من الشركة.


16. حاضنة الأعمال (Startup Incubator):

حاضنات الأعمال: شركاتٌ أو منظماتٌ موجّهة نحو تسريع نموّ ونجاح الشركات الناشئة في مراحلها الأولى. وغالباً ما يجري الاستثمار من قبل المستثمرين الملائكة (Angel investors)، أو بعض الحكومات، أو مستثمرين آخرين. وتختلف حاضنات الأعمال في استراتيجياتها؛ حيث يكون لبعضها مقراً يُعزّز التواصل بين رُوّاد الأعمال والمدربين، بينما تعمل حاضناتٌ أُخرى على أساسٍ افتراضيٍ.


ولدى أغلب الحاضنات رأس مالٍ محددٌ للاستثمار في مشروعٍ ما، أو روابط لمصادر التمويل المحتملة. وهناك إمكانيَة الوصول إلى خدماتٍ عديدةٍ تُوفرها الحاضنات كالحصول على تدريبٍ من قبل مختصين، والخدمات القانونية؛ ناهيك عن الربط مع رُوَاد أعمالٍ آخرين في الحاضنة.


17. الربح (Profit):

هدفُ كافة المشاريع الاقتصادية، وللوصول إليه؛ يكون رائد الأعمال مستعداً لبذل الجهد والوقت وتوظيف الأموال اللازمة للاستثمار وتحمل المخاطر. فهو مقدار المكسب التجاري الناتج عن الفارق بين الإيرادات والمصروفات؛ فإذا كان موجباً فهو ربح، وإذا كان سالباً فهو خسارة.


الخلاصة:

تتطلب ريادة الأعمال تكاملًا شاملاً لعدة عناصر أساسية تتلخص في العقلية، المهارات، المعرفة، الموارد والشغف. هذه العناصر حاضرة في كل فرد منا، إلا أنها تتطلب منا بذل الجهود والسعي الدؤوب والتفاؤل من أجل بناء مجتمعات أكثر تطورًا وازدهارًا.


لنجعل من هذا الحلم حقيقة، ينبغي أن نفهم هذا المجال بشكلٍ عميق وشامل؛ حيث يكمن سر النجاح في فهمنا الكامل لكل مصطلح وكل تفصيل يرتبط بهذا الميدان الشيق. إن هذه الدراسة العميقة ستمكننا من اكتساب القوة والثقة للانخراط فيه بكل قوة وإصرار.


ريادة الأعمال هي صناعة المستقبل، ومن خلالها يمكننا أن نحقق التغيير الذي نرغب فيه في مجتمعاتنا. فالمبادرة والابتكار ورغبة التغيير هي مفاتيح النجاح في هذا العالم المتجدد باستمرار. دعونا نضع قدمًا في هذا الميدان بثقة وإصرار، ونبني مستقبلًا مشرقًا لأنفسنا وللأجيال القادمة. فالقوة ليست حكرًا على البعض، بل هي خيرة للجميع الذين يسعون نحو التميز وا لتفوق.



اياد عامر الحيالي
بواسطة : اياد عامر الحيالي
مؤسس مدونة رياديين
ومدرب ريادة اعمال
للتواصل: ayadalheali@gmail.com
fin
تعليقات



حجم الخط
+
16
-
تباعد السطور
+
2
-